وائل عباس يكتب : حاسب من شرارة

تحذير : هذا المقال يقصد به التهريج والتهييس ولا يقصد به أي شيء جاد ولا يحتمل أي تأويلات دينية أو أيديولوجية أو سياسية أو تاريخية بالمرة وأي إسقاطات به على الواقع المعاصر هي محض مصادفة مقصودة والكلام ليكي يا جارة وإذا أخدته جد ذنبك إنت لوحدك على جنبك.
في تاريخ الشعوب يتذكر الناس دائما حاكما يصفونه بأنه الأكثر نحسا وشؤما أو أكثر من جلب لهم سوء الطالع والأمر ليس بجديد وموثق في كتب التاريخ تارة في أبواب الطرائف وتارة في أبواب المآسي والملمات وفي هذا المقال سأحاول سرد أمثلة لنماذج تاريخية من شرارة الحاكم الذي جلب الخراب لبلاده إما بأفعاله وإما فقط لكونه ببساطة راجل نحس.
الملك جون المنحوس هو أخو ريتشارد قلب الأسد الشهير وإبن هنري الثاني عينه أخوه ريتشارد ليكون ملكا من بعده بدلا من إبن أخيه آرثر الذي كان وقتها أسيرا لذا كانت شرعية حكمه دائما محل تساؤل وإضطر للذهاب للحرب دفاعا عنها ومن ثم قتل آرثر منافسه. وإختلف جون مع بابا روما إنوسنت حول تعيين أرشبيشوب كنيسة كانتربيري وطرده البابا من رحمة الكنيسة وإضطر الملك فيليب ملك فرنسا لغزو إنجلترا دفاعا عن البابا رغم انه تربطه بجون رابطة المصاهرة.
وهنا يظهر نحس جون في إكتشافه أن أخيه ريتشارد لم يترك له المال الكافي لإدارة البلاد أو الذهاب للحروب أو إصلاح ما يتدمر بسبب الحروب. ثم يفقد نصف جيوشه في الحرب مع فرنسا ويفقد دعم كل البارونات بسبب نهبه لأموال الأديرة بعد أن أخرجه البابا من الملة.
وكان جون أيضا فاقدا للشعبية بسبب الضرائب المرهقة التي كان يفرضها على شعبه وكان دائما فاقدا للشعبية حتى عندما كان أميرا يحكم أيرلندا في عهد أبيه حيث حكم لمدة ثمانية أشهر فقط ثم أجبر على العودة بسبب كراهية الشعب له.
كانت نورماندي وماين وأنجو وبويتو كلها تحت حكم جون وفقدها في الحرب مع فرنسا في 1206 ثم قامت حرب أهلية بين جون وباروناته في 1215 إستولى فيها البارونات المتمردين على لندن نفسها واضطر جون لتوقيع الماجنا كارتا التي تحدد أملاكه وتحركاته وكانت بمثابة تحديد إقامة له ثم إنقلب جون على الماجنا كارتا ثم أضاع سكوتلاندا ثم حدث غزو فرنسي ثاني لإنجلترا. ثم قتل جون كما يقال على يد أحد الرهبان وهناك من يقول أنه مات من الدوسنتاريا وتولى إبنه هنري الثالث. وكان الملك جون من الحماقة بحيث لم ينحاز له أي من المؤرخين دفاعا عن قراراته الحمقاء وهزء الناس به حتى قيل أنه من فرط سمنته دفنت أمعاؤه في مكان وجسده في مكان آخر.
من أسوأ الملوك طالعا على بلادهم وشعوبهم أيضا ستيبان توماسيفيتش ملك البوسنة في العصور الوسطى. كان ستيبان مثل جون المنحوس فاقدا للشعبية لكن والده ملك البوسنة ستيبان توماس فرضه على الشعب.
فقد ستيبان مملكتين ممن ممالكه للعثمانيين هما صربيا 1459والبوسنة سنة 1463ثم حكم شريط من الأرض وهو ما تبقى من صربيا وكانت عاصمته سميديريفو إستولى عليه العثمانيون أيضا بقيادة السلطان محمد الثاني وقتلوه ولم يحاول ستيبان حتى الدفاع عن سميديريفو.
رغم دعم البابا بيوس الثاني له وتوجه حملة من فينيسيا لنجدته – لم تصل أبدا – أسر الملك ستيبان في مدينة كليوتش ثم أخد إلى مدينة ياتش وقطعت رأسه في أحد الحقول برغم من وعود العثمانيين بالحفاظ على حياته.
وسبى العثمانيون زوجته الملكة ماريا وعائلته في حريم أحد القادة العسكريين الترك.
يقول المقريزي عن السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق وهو إبن الظاهر برقوق وأحد سلاطين المماليك البرجية الشركس أنه على حد وصفه أشأم ملوك الإسلام. لا يختلف المؤرخين على أن حكم الناصر فرج كان زاخرا بالمظالم والإضطرابات والفتن لدرجة أنه خلع وحكم بخروجه عن الدين وإستبيح دمه ثم عاد مرة أخرى ثم خلع وقتل.
من شؤم طالع الناصر فرج حدوث قحط في مصر وضعف الفيضان ثم حدوث وباء قضى على ثلث السكان ويقال أنه ولد مباشرة قبل عزل والده وحبسه في سجن الكرك مما جعله يعتبر مصدر نحس كشخص وإن كان والده غير إسمه إلى فرج بعد أن أفرج عنه وكان اسمه الاصلي بلفاق بالشركسي ومعناها تكدير أو نحس.
عرف الناصر فرج بالسكر والعربدة والإستيلاء على أموال وأراضي الناس أيضا وشهدت فترة حكمه تمرد أمراء الشام عليه وتهديد تيمور لنك المغولي الى جانب القحط والوباء كما سبق وأسلفنا.
ومن نحس الناصر فرج إن المغول بالفعل دخلوا الشام وإستولوا عليها وسبوا النساء ونهبوها ثم إنسحبوا. ثم وكأن هذا لا يكفي أهل الشام فقد ضربهم الجراد وقضى على مزروعاتهم وحدثت مجاعة. نحس ولا مش نحس ده؟
خلع الأمراء المخالفين للناصر فرج هذا السلطان بعد حكم ست سنوات وأتوا بأخيه عبد العزيز وإختبأ الناصر فرج قليلا لمدة سبعين يوما ثم قامت معركة بين أنصاره وأنصار عبد العزيز السلطان الطفل إنتهت بعودته مرة أخرى للحكم لسبع سنوات وعودة عبد العزيز الطفل إلى الحريم.
لكن نهايته كانت نهاية نحس لما راح يخلص المشاكل في الشام وكان بيخرج لجنوده وهو سكران فكانت الجنود بتهرب من جيشه حتى لم يتبقى له إلا عدد قليل وهزم وأسر وقتل. ومن الامثلة التي تضرب في كتب التاريخ عن مدى حبه للسكر هو أن العنب إرتفع ثمنه في عهده من كثرة ما كان يعصر من أجله.
جدير بالذكر في نهاية المقال أن حكم جون المنحوس إستمر حوالي سبعة عشر عاما وإستمر حكم ستيبان توماسيفيتش أربع سنوات وإستمر حكم الناصر فرج بن برقوق ست سنوات ثم سبع سنوات فمعلش يظهر إن لسه قدامنا شوية حلوين نستحملهم لحد ما ربنا يفكها من عنده.
وإحمدوا ربنا إني ما حكيتش قصة الفرعون بيبي الثاني اللي حكم مصر 94 سنة تفتت فيهم وإنهارت بعده الدولة القديمة تماما.
قلت بلاش أحكي علشان الفال بس لا مؤاخذة.