بالصور.. تتحول تلال القمامة لسبائك ذهب

 

81

عالم شديد الخصوصية يسكنه أكثر من 55 ألف نسمة، يختلط فيه الغنى والفقير من العاملين فى ذات المهنة، معظم الوجوه كادحة والأيدى متسخة لكن الغريب هى الابتسامة التى لا تفارق شفاههم.. فعلى بعد 650 مترا من منشية ناصر بتلال المقطم تستقبلك رائحة “القمامة” لتعلم أنك على أعتاب “حى الزبالين” أو “عزبة الزرايب” سابقا، وتقطع بعدها مسافات كبيرة وسط تلال القمامة ونباح الكلاب والدخان الكثيف.

سكانه نزح معظمهم من مدن القناة ليستقروا فى الحى، ويعملوا فى جمع القمامة وتدويرها، فهذه “أم عائشة” سيدة بسيطة من محافظة السويس توفى زوجها قبل خمسة عشر عاما، جاءت بعدها إلى القاهرة واستولت على قطعة أرض بوضع اليد.

يوم “أم عائشة” يبدأ مع بزوغ الشمس، تقضى معظمه فى جمع الزبالة وفرزها، كل رأس مالها فى الحياة ثلاثة أطفال يعملون كلهم فى فرز وتصنيف القمامة.

“بيتر” لم يتعد عمره التسع أعوام يجلس بين أكوام القمامة، يفصل زجاجات المياه الغازية ذات الماركات المختلفة عن الورق والمعادن، ويحملها فى جوالات على ظهره ويقفز بجسده النحيل على سيارة القمامة، ليعاود الكرة مرات حتى ينته من فرز كل القمامة، مؤكدا أنه لم يرتاد المدرسة ليعمل فى القمامة فهى مصدر رزقه وعائلته.

أما عم سيد عمران “49 سنة” يعتبر من أعيان حى الزبالين يمتلك سيارة لنقل حمولة القمامة يوميا من الشوارع إلى مخزن منزله، وهنا يبدأ دور النباشين ومعظمهم من الأطفال الذين يقومون بفرز الزبالة حسب نوعها فى مكان منفصل لبيعها إلى مصانع تدوير البلاستيك أو الحديد والنحاس أو الزجاج والورق والقماش أو محلات أعلاف البهائم.

يقول “سيد”: إن بعض حمولات الزبالة قد يصل ثمنها لـ10 آلاف جنيه، أما سعر نقلة العربية تصل إلى 200 جنيها، وعن أسعار القمامة فهى متباينة فمثلا كيلو بلاستيك بثلاثة جنيه، وتعد زجاجات المياه المعدنية والكرتون أعلاها سعرا، والورق الأبيض 40 قرشا، والحديد جنيه ونص، والنحاس 30 جنيها، والسلك الكيلو منه 35 جنيها، الألومنيوم من 10 إلى 12 جنيها.

“سيد” قال إن معظم الأعمال السينمائية صورت الزبالين وكأنهم أثرياء فى الخفاء، وهذا غير صحيح فهناك أشخاص لا تزيد يوميتهم عن 10 جنيهات، فمثلا الأطفال النباشين من الجنسين تبدأ أعمارهم من 8 حتى تصل 30 سنة، تبدأ رحلتهم اليومية مع نقلة الحمولة حتى وصولها للمخزن وفى نهاية اليوم تحصل الفتاة على يومية 10 جنيهات، أما الصبى يأخذ يومية 25 جنيها لأنه يبذل مجهودا بدنيا أكبر.

أشهر زبالين الحى كما جاء على لسان أهله هو “شحاتة المقدس” الذى اشتهر بلقب “ملك الزبالة”، وجسد محاكاة لقصته فى السينما الفنان “محمود ياسين”، حيث نجح خلال 40 سنة من عمره فى جمع ثروة، ومع ذلك رفض أن يترك الحى الذى كان سببا فى شهرته.

ويؤكد الحاج على محمود “شيخ الزبالين”- 54 سنة، أن المنطقة عشوائية والحياة فيها لا تفرق كثيرا عن الموت، لأنها غير آدمية وتفتقد لأبسط الخدمات مثل الصرف الصحى ومياه الشرب، ورغم ذلك يعيش أهلها على أمل تحسن الأحوال، وعن طبيعة المواطنين الذين يقطنون حى الزبالين يتحدث: “لقيت أهلى وجيرانى كلهم بيشتغلوا فى الزبالة، وما كنش قدامى شغلانة تانية، اشتغلت فيها وكبرت، ويضيف أن الحى بأكمله تقطنه 200 عائلة تعرف بعضها البعض”.

ومن جانبها أكدت الدكتورة “سعاد عبد الرحيم” الخبيرة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية”، أن عزبة الزرايب أو ما عُرفت بحى الزبالين تعد من أكبر المناطق العشوائية، ولم يطلها أى تطوير منذ سنوات طويلة، ولأن العشوائيات والفقر أصبحا أمرا واقعا، فإن محاولة علاجهما يتطلب التفات الدولة فى إطار إستراتيجية مدروسة نظرا لتأثيرها المتفاقم على التنمية والنهوض بالمجتمع.

 

اليوم السابع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى